tisdag 11 december 2007

خطة أميركية يتحفظ عليها المالكي لشطر البصرة إلى محافظتين




أسامة مهدي من لندن: في وقت تجري فيه الإستعدادات حاليًا لتسليم القوات البريطانية أمن محافظة البصرة العراقية الجنوبية إلى القوات العراقية الاحد المقبل تدرس السلطات الأميركية المدنية والعسكرية في العراق خطة لشطر المحافظة التي تعد ثاني أكبر المحافظات بعد بغداد، إلى اثنتين بهدف تعزيز مراقبة التغلغل الإيراني والسيطرة على الأمن الذي تزعزعه صراعات الأحزاب الدينية ومليشياتها المسلحة اضافة الى منع تهريب النفط وتسهيل عمليات تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين لكن رئيس الوزراء المالكي لم يعط موافقته على الخطة بعد متحفظا على تنفيذها.

وعلمت "ايلاف" من صدر عراقي موثوق ان الاميركان يدرسون حاليا خطة لشطر محافظة البصرة (550 كم جنوب بغداد) والتي يقطنها حوالى المليوني نسمة الى محافظتين بهدف الحد من نشاط مليشيات الأحزاب الدينية وصراعاتها وتعاون قسم منها مع الإيرانيين. واضاف ان الخطة الموضوعة تقضي بأنشاء محافظة اخرى تضم اقضية الزبير وابو الخصيب والفاو وناحية صفوان وبلدات اخرى، لكنه لم يوضح الاسم الذي سيطلق على المحافظة الجديدة المستدثة متوقعًا ان تكون محافظة الزبير. وقال ان اساس الفكرة انطلق من محاولات للتخفيف عن الضغوط التي تواجهها السلطات العراقية والقوات الاميركية التي يمكن ان تشارك هناك في عمليات عسكرية محدودة ضد المسلحين بعد انسحاب القوات البريطانية المقرر الاحد المقبل.

واضاف المصدر ان الخطة بمجملها تشمل اضافة الى ذلك مراقبة التغلغل الايراني الى العراق انطلاقا من البصرة، موضحًا في هذا المجال ضعف تواجد المنظمات الشيعية في هذه المناطق التي تقطن عدد منها غالبية سنية. وقال ان شطر المحافظة سيؤمن بشكل اوسع تقديم الخدمات الاساسية للمواطنين ومنع تهريب النفط الذي يشكل معضلة اقتصادية خطيرة للعراق اضافة الى مراقبة الحركة في الموانئ العراقية وعمليات الاستيراد والتصدير. واشار الى ان ذلك من شأنه مكافحة الفساد الاداري والمالي الذي يضرب باجهزة المحافظة ومؤسساتها والذي يسبب ايضًا في تدهور الاوضاع الامنية والخدمية.

واوضح المصدر ان المالكي ما زال متحفظًا على هذا الامر ولم يعط موافقته على شطر المحافظة لاعتبارات قد تثير حساسيات طائفية او انزعاجا ايرانيا بسبب اميركية الخطة واهدافها.

وتقع البصرة التي تبلغ مساحتها 19070 كيلومترًا مربعًا على رأس الخليج العربي ووصفت بانها ثغر العراق وهي المنفذ الوحيد له للاتصال بالعالم الخارجي بحرا عبر ثلاثة خطوط ملاحية عالمية عن طريق ميناء ام قصر وميناء الفاو وترتبط جوا عبر مطارها الدولي الحديث عبر كل عواصم العالم.. كما ترتبط بخمسة طرق برية منها اربعة للسيارات والخامس طريق للقطار السريع وبطريقين نهريين بالعاصمة ومحافظات القطر عبر نهري دجلة والفرات.

امن البصرة بعد تسلم العراقيين لمسؤولياتهوتأتي هذه الخطط متزامنة ايضا مع اعلان الحكومة العراقية ان القوات العراقية جاهزة لتسلم الملف الامني في مدينة الصرة من القوات البريطانية الاحد المقبل معتبرة ذلك خطوة جديدة على طريق تسلم المهام الامنية في عموم محافظات العراق من القوات متعددة الجنسيات، ومؤشرًا قويًا على تنامي قدرات القوات العراقية. وقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الأحد خلال زيارة مفاجئة إلى البصرة أن القوات البريطانية ستسلم السلطات العراقية مهمات الأمن في كامل محافظة البصرة خلال أسبوعين.

وكان الجنود البريطانيون قد غادروا في مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي آخر قاعدة لهم في مدينة البصرة. وفي الثاني من تشرين الأول (اكتوبر) أعلن براون أن تسليم كامل محافظة البصرة للسلطات العراقية قد يتم خلال شهرين في خطوة ستمهد الطريق أمام انسحاب القوات البريطانية من العراق.

وأوضحت مصادر بريطانية أن قوات الجيش والشرطة العراقية ستتولى المسؤولية الكاملة لتوفير الأمن في البصرة والمناطق المحيطة للمرة الأولى منذ الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في هذا البلد قبل أكثر من أربع سنوات. وأضافت أن مهمة القوات البريطانية البالغ قوامها نحو 5500 جندي المتمركزة في قاعدة مطار البصرة اقتصرت منذ شهرين على المراقبة وتقديم الدعم عند تلقيها طلبًا مباشرًا من القوات العراقية. وقال المتحدث باسم القوات البريطانية في بغداد المقدم نيك غولدينغ "نتحرك باتجاه تسليم محافظة البصرة للعراقيين في منتصف الشهر الحالي ونحن واثقون من أن مقاييس إنجاز هذه الخطوة هي في مكانها الصحيح وخاصة ما يتعلق منها بقدرات وجدارة قوات الأمن العراقية".

وتعتبر البصرة المحافظة الأخيرة من المحافظات الأربع في جنوب العراق التي ستسلمها القوات البريطانية إلى العراقيين بعد سحب 500 جندي من داخل المدينة في أيلول الماضي وتجميعهم في قاعدة مطار البصرة التي تبعد عدة كيلومترات عن المدينة ويتمركز فيها نحو 5500 جندي بريطاني.

خطة اقتصادية بريطانية لجنوب العراقوخلال زيارته الخاطفة الى البصرة الاحد فقد حمل حمل براون معه خطة اقتصادية جديدة لجنوب العراق. وقالت صحيفة الغارديان اللندنية امس ان براون اكد اعداد خطة اقتصادية جديدة لمنطقة جنوب شرقي العراق وعيّن رجل اعمال بريطاني ليتراس عملية التحريك الاقتصادي في المنطقة المحيطة بالبصرة. لكنها اشارت الى ان استمرار العنف سوف يثير الشكوك بصدد فرص نجاح خطة براون الجديدة. واوضحت ان البعض يعتقدون ان مدينة البصرة يمكن ان تعيد بناء اقتصادها ليس فقط من خلال مبيعات النفط، بل ايضًا من خلال تنظيف الميناء وتنشيط صادراتها من التمور "على الرغم من صعوبة اقناع المستثمرين للدخول في هذه القطاعات".

وفي اطار جهود اعمار محافظة البصرة فقد اختتم في البحر الميت أمس الاول مؤتمر "المضي قدمًا في البصرة: الأمن والنمو" بالتأكيد على ضرورة استقرار المحافظة من أجل تنميتها، ولكن من دون التوصل إلى أفكار واضحة ونتائج ملموسة حول كيفية استقرارها كما أشار صحافيون حضروا المؤتمر. وقالوا انه بينما بحث المجتمعون من أعضاء مجلس محافظة البصرة ومسؤولين بريطانيين ومستشارين أهمية الاستفادة من موارد البصرة المتعددة البشرية والطبيعية، فإنه لم تطرح القضايا السياسية. وانتهت احدى جلسات العمل باعتبار "الفساد والتناحر السياسي" نقاط الضعف في تحقيق التنمية في المحافظة وأن عدم الاستقرار الأمني والتداخل بين الصلاحيات يعد أكبر التهديدات للمحافظة. وقال رئيس لجنة التطوير والأعمار في مجلس محافظة البصرة غالي نجم مطر لصحيفة الشرق الاوسط، إن مسألة الأمن جوهرية فمن دون أمن لا يوجد اقتصاد ولا توجد حتى دولة. ومن المتوقع أن يبدأ يوم غد الاربعاء"منتدى البصرة" بحضور نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح وعدد كبير من الوزراء العراقيين في البصرة للإعلان عن اطلاق مشاريع مثل "وكالة تشجيع الاستثمار في البصرة" و"صندوق تنمية البصرة" بدعم بريطاني.

وشدد مشاركون في المؤتمر إلى ضرورة تطبيق الخطط الأمنية من خلال الآليات الجديدة التي ستوضع وإعطاء صلاحيات للعاملين في المحافظة بدلاً من الحديث عن تلك الخطط. ومن القضايا التي أثيرت في المؤتمر علاقة المحافظة بالحكومة المركزية حيث شكا عضو مجلس محافظة البصرة مناضل عبد خنجر من أن المعوق أمام الاستثمار في البصرة هو بعض الجوانب السياسية والقرارات المرتبطة بالمركز. وقال ان المحافظ ليس له صلاحية لتوقيع أي قرار. وكانت مسألة الفساد الاداري من أكثر الجوانب التي شدد عليها المسؤولون البريطانيون في مناقشات المؤتمر الذي استمر ستة أيام. وقال المستشار القانوني جوناثان راتل الذي يعمل مع الحكومتين العراقية والبريطانية ومقره في البصرة إن العراق بات ثاني أسوأ دولة فيما يخص الفساد. وأشار إلى احصاءات منظمة الشفافية الدولية التي نشرت تقريرها قبل شهرين وصنفت العراق الدولة 179 من بين 180 دولة في معدلات الفساد. وشدد على أن الفساد وانعدام الأمن مرتبطان بطريقة مباشرة.

مخاوف من مواجهات بين المليشياتومع اقتراب تسلم القوات العراقية للبصرة فإن مواطنيها متخوفون من مواجهة عسكرية مع المليشيات المسلحة يمكن ان تلحق ضررًا كبيرًا بالمدينة واهلها خاصة بعد تزايد اعداد القوات الوافدة الى البصرة قادمة من المدن العراقية الاخرى. ولم تكن عملية وصول هذه القوات هي المؤشر الوحيد على المواجهة العسكرية مع جيش المهدي الذي فقد تحصيناته في مؤخرًا إثر قيام الجيش العراقي بهدم ودفن المواضع التي كان مسلحو جيش المهدي شيدوها في الكرمة والقبلة والهارثة والمناطق الاخرى من البصرة، وفي ظل تسارع الخطى نحو المعركة القادمة يبقى المواطن قلقًا مما يدور حوله من مستجدات.

وبعد نحو خمسة أعوام من إرسال رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير 46 ألف جندي بريطاني لمساعدة الولايات المتحدة على الاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين ستبقي بريطانيا قوة لا تزيد عن بضعة آلاف يقتصر تواجدها على قاعدة جوية وحيدة قرب البصرة.وتقول لندن إن قواتها أحسنت اداء مهمتها فالمناطق التي كانت تسير فيها دورياتها في جنوب العراق ستنتقل مسؤوليتها الى جنود ورجال شرطة عراقيين انهوا تدريبهم حديثا.ويقول منتقدون ان البصرة تحولت الى مدينة تطبق فيها ميليشيات شيعية القانون وتكتب على جدرانها تهديدات بقتل النساء غير المتحجبات كما اختطف مترجمون عملوا مع القوات البريطانية وعذبوا وقتلوا. وتصدر البصرة أكثر من 1.5 مليون برميل من النفط يوميا تمثل جزءا رئيسيا من ايرادات الحكومة المركزية. لكن من يسيطرون على شوارع البصرة ليسوا من اصدقاء بريطانيا او الولايات المتحدة وهو الامر الذي قد يسبب مشاكل للحكومة المتحالفة مع الولايات المتحدة في بغداد. ويسيطر على مجلس مدينة البصرة حزب شيعي أصغر منافس للتيار الصدري هو حزب الفضيلة الاسلامية بينما يسيطر كبار قادة الجيش والشرطة الموالون للحكومة في بغداد على اجهزة الامن.

Inga kommentarer: