fredag 4 april 2008

مدينة الصدر في بغداد حياة داخل حصارين


سيف الخياط من بغداد: يتصبب عبد الحسين الساعدي عرقا عندما يتحدث ويبرز وريد الدم في جبهته وبين سيجارة تنطفئ واخرى تشتعل تتسابق انفاسه مع سعال شديد ممسكا بيد ابنه الصغير في طريق هروبه من مدينة الصدر ويقول "لست اعرف تحديدا متى سوف نرتاح". وقد فرضت الحكومة العراقية حظر التجوال العام على مدينة الصدر منذ سبعة ايام ثم عادة وخففته ليكون حظرا على المركبات والعربات على اثر الاشتباكات المسلحة بين عناصر جيش المهدي والقوات الحكومية التي اندلعت في مدينة البصرة جنوب العراق الاسبوع الماضي. وتعتبر مدينة الصدر اكبر معقل لمليشيا جيش المهدي في بغداد وتتجاوز اعداد المؤيدين فيها للزعيم الشاب مقتدى الصدر كافة المدن العراقية كما انها اكبر تجمع شيعي في بغداد وتضم الفئات السكانية المهمشة والفقيرة، وتميزت في انتخابات البرلمان بان فيها اكبر عدد من الاصوات المؤيدة لكتلة الائتلاف الشيعي في البرلمان العراقي صاحب الاغلبية وصاحب الحكومة ايضا. يعود تاريخ تأسيسها إلى عهد الرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم الذي أنشأها في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين، لتوطين السكان الشيعة من ريف جنوب العراق في بغداد ومعظم سكانها يرجع أصولهم إلى مدينة العمارة في جنوب شرق العراق، الذين نزحوا على اثر تردي الزراعة واستغلال المالكين للاراضي. تقسم مدينة الصدر إلى 79 قطاعا مساحاتها متساويه وتصميمها مختلف في بعض الأجزاء كما في القطاعين 23و34، ويحوي كل قطاع على مسجد واحد على الأقل إلا أنه بعد سقوط النظام السابق تكون قطاع آخر بطريقة عشوائية سمي بقطاع "صفر" يقع ما بين حي الأمانة والقطاع رقم واحد وبذلك ارتفع عدد القطاعات الى80. تم تغيير أسم المنطقة من حي الثورة الذي اطلقه عليها عبد الكريم قاسم نسبة لثورة عام 1958 التي جاءت به الى الحكم، إلى مدينة صدام أثناء سنين حكمه وبعد سقوط نظامه، تغير اسمها الى مدينة الصدر. وبالإضافة لتواجد كثيف للشيعة في مدينة الصدر لكنها تضم ايضا مايقارب على 5% أكراد شيعة، و 5% أكراد سنة وعرب سنة. وقد شهدت هذه المنطقة احداث طائفية عنيفة بين السنة العرب من جهة وجيش المهدي والقوات العراقية من جهة أخرى، ولازالت المواجهات والتهجير بين جيش المهدي والسنة تدور بشكل متواصل بين الحين والآخر. تعرضت المدينة لعدد من التفجيرات بواسطة السيارات المفخخة، ويعتقد كثير من سكنة بغداد إن مدينة الصدر تشكل مصدر اضطراب وقلق بالنسبة للعاصمة كونها تمثل وكرا لمليشيا جيش المهدي.يقول عبد الحسين الساعدي 40 عام من سكان مدينة الصدر "لقد تركت بيتي هذه المرة والى الابد لانني قد مللت العيش تحت تهديد الموت منذ ولادتي في هذا المكان ولم يمر عام دون ان تعيش هذه المدينة حالة توتر مع الحكومة او ما بين سكانها". ويضيف الساعدي "اذا لم توجد مشكلة مع الحكومة فستكون هناك صراعات بسبب الانتماء القبلي والان اصبح لدينا شكل جديد من الصراع وهو الحزبي والطائفي". "الموت اصبح اما عن بعد بنيران القناصة من الجيش الامريكي او العراقي، او الموت عن قرب بنيران المليشيات المتنفذة" كما يقول الساعدي. نقص كبير في المواد الغذائية والخضروات تعيشه المدينة منذ حصارها ونفد ما لدى الاهالي من اموال بسبب التوقف عن العمل كما تعاني من نقص كبير في المواد الطبية والادوية في مستشفياتها المحلية. يقول عدنان الكعبي 34 عام "لقد فقدت والدتي المصابة بمرض الربو لعدم وجود العلاج الخاص بها في المستشفى العام في مدينة الصدر ولم نتمكن من نقلها بسرعة بسبب حظر سير المركبات". ويضيف عدنان "ان اي مركبة تسير في شوارع مدينة الصدر تقصف مباشرة من قبل الطائرات الامريكية، وماات والدتي بين يدي دون ان افعل شيء". "ان الحكومة تريد اضعاف جيش المهدي بهذا الحصار ونحن نعيش في حصارين الان حصار الحكومة وحصار جيش المهدي" كما يقول الكعبي. تعتمد مليشيا جيش المهدي على اسلوب التخفي بين الاحياء السكنية وهذا يمنحها قدرة كبيرة على المناورة والتحصن بالاهالي كما يجري في حرب العصابات يجعل مهمة مكافحتهم صعبة خصوصا اذا كان جهاز الاستخبارات ضعيف وغير منتشر بشكل كاف. يقول علي اللامي 36 عام "ان المنازل التي نعيش فيها تبلغ مساحتها 60 متر وهي صغيرة جدا وقديمه ولا تتحمل سقوط الصواريخ او حصول مواجهات في الشوارع وان مليشيا جيش المهدي تتحصن بين البيوت ما يجعل الاهالي عرضة للموت وبكثافة في حال حدوث اي اشتباكات عسكرية". "نحن نعيش تحت ضغط من مليشيا جيش المهدي ويفرضون علينا تاييدهم ويفرضون علينا تقديم الدعم الوجستي لهم وهذا حصار كبيرة نعيشه كل ساعة يضاف الى حصار الحكومة المفروض علينا" كما يقول اللامي. المواجهة في مدينة الصدر قد تكون حاسمة للقضاء على المليشيات والسيطرة على هذه المدينة يعتبر سيطرة امنية على نصف العاصمة.

Inga kommentarer: